کد مطلب:205467 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:410

مع المنصور العباسی
عاصر الامام الصادق علیه السلام الدولتین: الأمویة و العباسیة، و تحمل منهما ما تحمل، و لكن أشد دور مر علیه هو حكم المنصور العباسی، فقد حبس بعض أصحابه [1] ، و قتل آخرین منهم [2] ، مضافا لفتكه بالطالبیین [3] ، و أشخص الامام علیه السلام الی الربذة، و العراق فی نوب مختلفة.

و علی أی حال، فالسنوات العشر التی مرت علی الامام الصادق علیه السلام من حكم المنصور كانت أشد سنین مرت علیه، و قد قصده فیها بالقتل مرارا و یصرفه الله عنه.

قال المفضل بن عمر: ان المنصور قد كان هم بقتل أبی عبدالله غیر مرة، فكان اذا بعث الیه و دعاه لیقتله، فاذا نظر الیه هابه و لم یقتله [4] .

و قد یتساءل عن سبب شدة المنصور و قسوته علی الامام الصادق علیه السلام، مع أن علماء السیر اجمعوا علی انصراف الامام علیه السلام عن الملك و الرئاسة [5] .

نعم، كان سبب شدة المنصور و قسوته علی الامام علیه السلام، هو الحسد له، و لما یبلغه من علمه و فضله، ثم لعلمه بأحقیته للخلافة، و ان وجوده بین ظهرانی الأمة الاسلامیة - مع اعراضه عن الملك و السلطان - أكبر مزاحم له.



[ صفحه 471]



و فی الوقت الذی نجد فیه المنصور شدیدا علی أبی عبدالله علیه السلام، نجده صلوات الله علیه غیر عابی ء به، لم ترهبه قسوته و بطشه، فقد أخذ علیه السلام علی عاتقه نشر العلم، و رفع رایة الاسلام، و استغل الزمن - حتی أسفاره - للحدیث، و قد مرت علیك كلمة الحسن بن علی الوشا فی مشاهدته بالكوفة تسعمائة شیخ كلهم یروی عن جعفر بن محمد.

و كان له علیه السلام مع المنصور نهج خاص فی تعریته للملأ المسلم، و مجابهته بما یكره، لیعلم الأمة الاسلامیة علی معارضة الظالمین مهما عتوا و تجبروا، و علی الأمر بالمعروف و النهی عن المنكر، و الجهاد باللسان، و قد سئل علیه السلام: أی الجهاد أفضل؟ فقال علیه السلام: كلمة حق عند امام ظالم [6] .

نذكر بعض ما وقع بین الامام علیه السلام و المنصور:

1 - قال أحمد بن عمرو بن المقدام الرازی: وقع الذباب علی المنصور فذبه حتی أضجره، فدخل علیه جعفر بن محمد؛ فقال له المنصور: یا أباعبدالله لم خلق الله تعالی الذباب؟

فقال علیه السلام: لیذل به الجبابرة [7] .

2 - قال ابن حمدون فی التذكرة: كتب المنصور الی جعفر بن محمد: ألا تخشانا كما یخشانا سائر الناس؟

فأجابه علیه السلام: لیس لنا ما نخافك من أجله، و لا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له، و لا أنت فی نعمة فنهنئك، و لا تراها فی نقمة فنعزیك بها، فما نصنع عندك؟

فكتب الیه: تصحبنا لتنصحنا.



[ صفحه 472]



فأجابه علیه السلام: من أراد الدنیا لا ینصحك، و من أراد الآخرة لا یصحبك.

فقال المنصور: والله لقد میز عندی منازل الناس: من یرید الدنیا، ممن یرید الآخرة [8] .

3 - قال له - علی لسان الرسول -: فان كففت و الا أجریت اسمك علی الله عزوجل فی كل یوم خمس مرات [9] .

4 - قال له: انه لم ینل أحد منا أهل البیت دما الا سلبه الله ملكه [10] .

و بقی شبح الامام الصادق علیه السلام مخیفا للمنصور، حتی دس الیه سما فقتله [11] .



[ صفحه 473]




[1] مثل عبدالحميد، و سدير، و عبدالسلام.

[2] مثل: المعلي بن خنيس.

[3] مثل: عبدالله بن الحسن، و ولديه: محمد و ابراهيم، و جمهور كبير من آل الحسن.

[4] المناقب: 2 / 317 عمدة الطالب 184.

[5] تذكرة الخواص 192.

[6] الامام الصادق و المذاهب الأربعة: 5 / 75.

[7] مطالب السؤول: 2 / 58، صفة الصفوة: 2 / 95، أعيان الشيعة ق 1 / 159، نور الأبصار: 214. الامام الصادق لأبي زهرة 83، المناقب: 2 / 337، كشف الغمة 223، الفصول المهمة 306، أخبار الدول 112.

[8] كشف الغمة 240، أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 159، الامام الصادق للمظفري: 1 / 125.

[9] الامام الصادق للمظفري: 1 / 123 و 130.

[10] المصدر نفسه.

[11] أعيان الشيعة 4 ق: 2 / 227، المجالس السنية: 5 / 316، الصادق للمظفري: 2 / 206.